فصل: فَصْلٌ: حُكْمُ مَن اشْتَرَى مَعِيبًا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ خِيَارُ الْغَبْنِ:

بِسُكُونِ الْبَاءِ، مَصْدَرُ غَبَنَهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ إذَا خَدَعَهُ (وَيَثْبُتُ) خِيَارُ الْغَبْنِ (فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إحْدَاهَا إذَا تَلَقَّى الرُّكْبَانَ) وَهُمْ جَمْعُ رَاكِبٍ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ رَاكِبُ الْبَعِيرِ ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ فَأُطْلِقَ عَلَى كُلِّ رَاكِبٍ وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا (الْقَادِمُونَ مِنْ السَّفَرِ بِجَلُوبَةٍ، وَهِيَ مَا يُجْلَبُ لِلْبَيْعِ وَإِنْ كَانُوا مُشَاةً) قَالَ فِي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَهُوَ أَوْلَى.
(وَلَوْ) كَانَ تَلَقِّيهِمْ (بِغَيْرِ قَصْدِ التَّلَقِّي) لَهُمْ (وَاشْتَرَى مِنْهُمْ أَوْ بَاعَهُمْ، شَيْئًا فَلَهُمْ الْخِيَارُ إذَا هَبَطُوا السُّوقَ وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ قَدْ غُبِنُوا غَبْنًا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَا تَلَقَّوْا الْجَلَبَ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ فَإِذَا أَتَى السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي صَحِيحٍ، وَالنَّهْيُ لَا يَرْجِعُ لِمَعْنَى فِي الْبَيْعِ وَإِنَّمَا لِضَرَبٍ مِنْ الْخَدِيعَةِ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ بِالْخِيَارِ أَشْبَهَ الْمُصَرَّاةَ.
(الثَّانِيَةُ: فِي النَّجْشِ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي السِّلْعَةِ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا) مِنْ نَجَشْتُ الصَّيْدَ إذَا أَثَرْتُهُ كَأَنَّ النَّاجِشَ يُثِيرُ كَثْرَةَ الثَّمَنِ بِنَجْشِهِ.
(وَهُوَ) أَيْ النَّجْشُ (حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْرِيرِ الْمُشْتَرِي وَخَدِيعَتِهِ) فَهُوَ فِي مَعْنَى الْغِشِّ (وَيَثْبُتُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي بِالنَّجْشِ (الْخِيَارُ إذَا غُبِنَ الْغَبْنَ الْمَذْكُورَ) كَالصُّورَةِ الْأُولَى قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حِذْقِ الَّذِي زَادَ فِيهَا لِأَنَّ تَغْرِيرَ الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا فَلَوْ كَانَ عَارِفًا وَاغْتَرَّ بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِعَجَلَتِهِ وَعَدَمِ تَأَمُّلِهِ.
(وَلَوْ) كَانَتْ زِيَادَةُ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءً (بِغَيْرِ مُوَاطَأَةٍ مِنْ الْبَائِعِ) لِمَنْ يَزِيدُ فِيهَا (أَوْ) كَانَ الْبَائِعُ (زَادَ) فِي الثَّمَنِ (بِنَفْسِهِ) وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِوُجُودِ التَّغْرِيرِ (فَيُخَيَّرُ) الْمُشْتَرِي (بَيْنَ رَدِّ) الْمَبِيعِ (وَإِمْسَاكِ) هـ.
(قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ) الْأَرْبَعِينَ (النَّوَوِيَّةِ: وَيُحَطُّ مَا غُبِنَ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ يَسْقُطُ عَنْهُ وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ (ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ الْمُنَقِّحَ: وَلَمْ نَرَهُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ قِيَاسُ خِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّدْلِيسِ عَلَى قَوْلٍ انْتَهَى) كَلَامُ الْمُنَقِّحِ (اخْتَارَهُ) أَيْ الْقَوْلَ فِي التَّدْلِيسِ (جَمْعٌ) مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالتَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ (وَمِنْ النَّجْشِ) قَوْلُ بَائِعٍ سِلْعَةٍ (أُعْطِيتُ فِيهَا كَذَا، وَهُوَ كَاذِبٌ) فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِتَغْرِيرِهِ وَكَذَا: لَوْ أَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِكَذَا وَهُوَ زَائِدٌ عَمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ عَلَى الصَّحِيحِ ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
(الثَّالِثُ الْمُسْتَرْسِلُ وَهُوَ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ اسْتَرْسَلَ إذَا اطْمَأَنَّ وَاسْتَأْنَسَ وَالْمُرَادُ هُنَا (الْجَاهِلُ بِالْقِيمَةِ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُمَاكِسَ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا غُبِنَ الْغَبْنَ الْمَذْكُورَ) أَيْ الَّذِي يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ لِأَنَّهُ حَصَلَ لِجَهْلِهِ الْخِيَارَ فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا ثَبَتَ.
(وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ جَاهِلٌ بِالْقِيمَةِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تُكَذِّبُهُ) فِي دَعْوَى الْجَهْلِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: الْأَظْهَرُ احْتِيَاجُهُ يَعْنِي فِي دَعْوَى الْجَهْلِ بِالْقِيمَةِ إلَى بَيِّنَة لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا تَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهِ.
(وَأَمَّا مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِسِعْرِ الْمَبِيعِ وَيَدْخُلُ عَلَى بَصِيرَةٍ بِالْغَبْنِ، وَمَنْ غُبِنَ لِاسْتِعْجَالِهِ فِي الْبَيْعِ، وَلَوْ تَوَقَّفَ فِيهِ وَلَمْ يَسْتَعْجِلْ لَمْ يُغْبَنْ، فَلَا خِيَارَ لَهُمَا) لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ.
(وَكَذَا إجَارَةٌ) يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْغَبْنِ إذَا جَهِلَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَلَمْ يُحْسِنْ الْمُمَاسَكَةَ فِيهَا (فَإِنْ فَسَخَ) الْمَغْبُونُ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (كَانَ الْفَسْخُ رَافِعًا لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّ الْفَسْخَ رَافِعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ، لَا مِنْ أَصْلِهِ.
(وَيَرْجِعُ الْمُؤْجِرُ) إنْ كَانَ هُوَ الْفَاسِخُ (عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ بِالْقِسْطِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، لَا) بِالْقِسْطِ (مِنْ الْمُسَمَّى) فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَمْ يَسْتَدْرِكْ ظُلَامَةَ الْغَبْنِ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّتِهِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْإِجَارَةِ، فَفَسَخَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْرِكُ ظُلَامَتَهُ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِسْطِهِ مِنْهَا مَعِيبًا، فَيَرْتَفِعُ عَنْهُ الضَّرَرُ بِذَلِكَ قَالَ الْمَجْدُ: نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الْقَاضِي عَلَى ظَهْرِ الْجُزْءِ الثَّلَاثِينَ مِنْ تَعْلِيقِهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُؤْجِرُ (قَبَضَ الْأُجْرَةَ) مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ فَسَخَ (رَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُؤْجِرِ (مُسْتَأْجِرٌ بِالْقِسْطِ مِنْ الْمُسَمَّى مِنْ الْأَجْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (وَ) رَجَعَ عَلَيْهِ أَيْضًا (بِمَا زَادَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمَاضِي إنْ كَانَ هُوَ الْمَغْبُونَ وَإِنْ كَانَ) الْمَغْبُونُ هُوَ (الْمُؤْجِرَ، فَ) إنَّهُ يَرْجِعُ (بِمَا نَقَصَ عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمَاضِي) لِمَا تَقَدَّمَ (وَالْغَبْنُ مُحَرَّمٌ) لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ وَغِشٌّ (وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فِيهِنَّ) أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي تَلَقِّي الرُّكْبَانِ.
(وَغَبْنُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي مَهْرِ مِثْلٍ) بِأَنْ تَزَوَّجَهَا، بِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ (لَا فَسْخَ فِيهِ) لِلْمَغْبُونِ (فَلَيْسَ كَبَيْعٍ) لِأَنَّ الْمَهْرَ لَيْسَ رُكْنًا فِيهِ.
(وَيَحْرُمُ) عَلَى بَائِعٍ (تَغْرِيرُ مُشْتَرٍ بِأَنْ يَسُومَهُ كَثِيرًا لِيَبْذُلَ قَرِيبًا مِنْهُ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْغِشِّ (ذَكَرَهُ الشَّيْخُ).
(وَهُوَ) أَيْ خِيَارُ الْغَبْنِ (كَخِيَارِ الْعَيْبِ، فِي الْفَوْرِيَّةِ وَعَدَمِهَا) وَيَأْتِي أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي لَا يَسْقُطُ إلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ.
(وَمَنْ قَالَ عِنْدَ الْعَقْدِ: لَا خِلَابَةَ) بِكَسْرِ الْخَاءِ (أَيْ لَا خَدِيعَةَ) وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ، إذَا لَمْ تَغْلِبْ فَاخْلِبْ (فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا خَلَبَ) أَيْ غَبَنَ (نَصًّا) لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ: إذَا بَايَعْتَ، فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ عَلَامَةٍ تَنْفِي الْغَبْنَ عَمَّنْ يَغْبِنُ كَثِيرًا.

.فَصْلٌ: الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ (خِيَارُ التَّدْلِيسِ):

مِنْ الدُّلْسَةِ وَهِيَ الظُّلْمَةُ (فِعْلُهُ) أَيْ التَّدْلِيسِ (حَرَامٌ لِلْغُرُورِ، وَالْعَقْدُ) مَعَهُ (صَحِيحٌ) لِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ الْآتِي حَيْثُ جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ (وَلَا أَرْشَ فِيهِ) أَيْ فِي خِيَارِ التَّدْلِيسِ بَلْ إذَا أَمْسَكَ فَمَجَّانًا لِأَنَّ الشَّارِعَ، لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ أَرْشًا (فِي غَيْرِ الْكِتْمَانِ) أَيْ كِتْمَانِ الْعَيْبِ وَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَهُوَ) أَيْ التَّدْلِيسُ (ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا كِتْمَانُ الْعَيْبِ وَالثَّانِي: فِعْلٌ يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ) وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا كَتَحْمِيرِ وَجْهِ الْجَارِيَةِ وَتَسْوِيدِ شَعْرِهَا وَتَجْعِيدِهِ، وَجَمْعِ مَاءِ الرَّحَى وَإِرْسَالِهِ عِنْدَ عَرْضِهَا) لِلْبَيْعِ لِيَزِيدَ دَوَرَانُهَا بِإِرْسَالِ الْمَاءِ بَعْدَ حَبْسِهِ، فَيَظُنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ عَادَتُهَا، فَيَزِيدُ فِي الثَّمَنِ (وَتَحْسِينِ وَجْهِ الصُّبْرَةِ، وَتَصَنُّعِ النَّسَّاجِ وَجْهَ الثَّوْبِ، وَصَقَّالِ الْإِسْكَافِ وَجْهَ الْمَتَاعِ) الَّذِي يُدَاسُ فِيهِ.
(وَنَحْوِهِ وَجَمْعِ اللَّبَنِ فِي ضَرْعِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) أَوْ غَيْرِهَا (وَهُوَ) أَيْ جَمْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ (التَّصْرِيَةُ) مَصْدَرُ صَرَّى يُصَرِّي كَعَلَّى يُعَلِّي وَيُقَالُ صَرَّى يُصَرِّي كَرَمَى يَرْمِي قَالَ الْبُخَارِيُّ أَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ الْمَاءِ وَالضَّرْعِ لِذَوَاتِ الظِّلْفِ وَالْخُفِّ كَالثَّدْيِ لِلْمَرْأَةِ وَجَمْعُهُ ضُرُوعٌ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ قَالَهُ فِي حَاشِيَتِهِ (فَهَذَا) الْمَذْكُورُ مِنْ التَّدْلِيسِ (يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ لِلرَّدِّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، أَوْ الْإِمْسَاكُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَغَيْرُ التَّصْرِيَةِ مِنْ التَّدْلِيسِ مُلْحَقٌ بِهَا.
(وَكَذَا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ) التَّدْلِيسُ (مِنْ غَيْرِ قَصْدِ) الْبَائِعِ (كَحُمْرَةِ وَجْهِ الْجَارِيَةِ بِخَجَلٍ، أَوْ تَعَبٍ وَنَحْوهِمَا) لِأَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ، لَا أَثَرَ لَهُ فِي إزَالَةِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي (وَلَا يَثْبُتُ) الْخِيَارُ (بِتَسْوِيدِ كَفِّ عَبْدٍ وَ) تَسْوِيدِ (ثَوْبِهِ لِيُظَنَّ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ حَدَّادٌ) لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي إذْ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غُلَامًا لِأَحَدِهِمَا.
(وَلَا) خِيَارَ (بِعَلْفِ شَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِيُظَنَّ أَنَّهَا حَامِلٌ) لِأَنَّ كِبَرَ الْبَطْنِ يَتَعَيَّنُ لِلْحَمْلِ (وَلَا) خِيَارَ (بِتَدْلِيسِ مَا لَمْ يَخْتَلِفْ بِهِ الثَّمَنُ كَتَبْيِيضِ الشَّعْرِ وَتَبْسِيطِهِ) لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ (أَوْ كَانَتْ الشَّاةُ عَظِيمَةَ الضَّرْعِ خِلْقَةً فَظَنَّهَا كَثِيرَةَ اللَّبَنِ) فَلَا خِيَارَ لِعَدَمِ التَّدْلِيسِ.
(وَإِنْ تَصَرَّفَ) الْمُشْتَرِي (فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالتَّدْلِيسِ بَطَلَ رَدُّهُ) لِتَعَذُّرِهِ (وَيَرُدُّ) الْمُشْتَرِي (مَعَ الْمُصَرَّاةِ فِي) أَيْ مِنْ (بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ عِوَضَ اللَّبَنِ الْمَوْجُودِ حَالَ الْعَقْدِ وَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (سَلِيمٍ) لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ (وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ صَاعِ التَّمْرِ (عَلَى الْمُصَرَّاةِ أَوْ نَقَصَتْ) قِيمَتُهُ (عَنْ قِيمَةِ اللَّبَنِ) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمُشْتَرِي (التَّمْرَ) فَعَلَيْهِ (فَقِيمَتُهُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ (وَاخْتَارَ الشَّيْخُ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلَدٍ صَاعٌ مِنْ غَالِبِ قُوَّتِهِ) لِأَنَّ التَّمْرَ قُوتُ الْحِجَازِ إذْ ذَاكَ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ الْمَوْجُودِ حَالَ الْعَقْدِ: عَمَّا تَجَدَّدَ بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَلَا رَدُّ بَدَلِهِ لِأَنَّهُ حَدَثَ عَلَى مِلْكِهِ (فَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ بَاقِيًا بِحَالِهِ بَعْدَ الْحَلِيبِ لَمْ يَتَغَيَّرْ) بِحُمُوضَةٍ وَلَا غَيْرِهَا (رَدَّهُ) الْمُشْتَرِي (وَلَزِمَ) الْبَائِعَ (قَبُولُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ اللَّبَنَ هُوَ الْأَصْلُ وَالتَّمْرُ إنَّمَا وَجَبَ بَدَلًا عَنْهُ فَإِذَا رَدَّ الْأَصْلَ أَجْزَأَ كَسَائِرِ الْأُصُولِ مَعَ مُبَدِّلَاتِهَا (كَرَدِّهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةِ (قَبْلَ الْحَلْبِ وَقَدْ أَقَرَّ لَهُ) الْبَائِعُ (بِالتَّصْرِيَةِ أَوْ شَهِدَ بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ مِنْ التَّصْرِيَةِ (مِنْ تَقَبُّلِ شَهَادَتِهِ) فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِالتَّصْرِيَةِ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهَا مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَمْ يَكُنْ الرَّدُّ قَبْلَ الْحَلْبِ.
(وَإِنْ تَغَيَّرَ اللَّبَنُ بِالْحُمُوضَةِ) أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ قَبُولُهُ) لِأَنَّهُ نَقَصَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ.
(وَإِنْ رَضِيَ) الْمُشْتَرِي (بِالتَّصْرِيَةِ فَأَمْسَكَهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةَ (ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا رَدَّهَا بِهِ) لِأَنَّ رِضَاهُ بِعَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِعَيْبٍ آخَرَ (وَلَزِمَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (صَاعُ التَّمْرِ عِوَضَ اللَّبَنِ) الَّذِي حَلَبَهُ مِنْهَا لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَمَتَى عَلِمَ) الْمُشْتَرِي (التَّصْرِيَةَ خُيِّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُنْذُ عَلِمَ بَيْنَ إمْسَاكِهَا بِلَا أَرْشٍ وَبَيْنَ رَدِّهَا مَعَ صَاعِ تَمْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (فَإِنْ مَضَتْ) الثَّلَاثَةُ أَيَّامٍ.
(وَلَمْ يَرُدَّ) الْمُشْتَرِي الْمُصَرَّاةَ (بَطَلَ الْخِيَارُ) لِانْتِهَاءِ غَايَتِهِ وَلَزِمَ الْبَيْعُ (وَخِيَارُ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمُصَرَّاةِ (مِنْ التَّدْلِيسِ عَلَى التَّرَاخِي كَخِيَارِ عَيْبٍ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ثَبَتَ لِإِزَالَةِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي (وَإِنْ صَارَ لَبَنُهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةِ (عَادَةً) سَقَطَ الرَّدُّ لِأَنَّ الْخِيَارَ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَقَدْ زَالَ (أَوْ زَالَ الْعَيْبُ) مِنْ الْمَبِيعِ (لَمْ يَمْلِكْ) الْمُشْتَرِي (الرَّدَّ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ) أَيْ الْإِمَامِ.
(إذَا اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ أَيْ بَائِنًا) ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ النَّصِّ وَالْمَذْهَبِ (لَمْ يَمْلِكْ) الْمُشْتَرِي (الرَّدَّ) لِزَوَالِ الضَّرَرِ فَإِنْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا لَمْ يَسْقُطْ الرَّدُّ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ.
(وَإِنْ كَانَتْ التَّصْرِيَةُ فِي غَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) كَالْأَمَةِ وَالْأَتَانِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (الرَّدُّ مَجَّانًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ عَنْ اللَّبَنِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ عَادَةً قَالَ فِي الْفُرُوعِ كَذَا قَالُوا وَلَيْسَ بِمَانِعٍ وَقَالَ الْمُنَقِّحُ بَلْ بِقِيمَةِ مَا تَلِفَ مِنْ اللَّبَنِ يَعْنِي إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ.

.فَصْلٌ: الْقِسْمُ الْخَامِسُ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ (خِيَارُ الْعَيْبِ):

(وَهُوَ) أَيْ الْعَيْبُ (نَقْصُ عَيْنِ الْمَبِيعِ كَخِصَاءٍ وَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ بِهِ الْقِيمَةُ بَلْ زَادَتْ أَوْ نَقْصِ قِيمَتِهِ عَادَةً فِي عُرْفِ التُّجَّارِ) وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ عَيْنُهُ.
(وَ) قَالَ (فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ) الْعَيْبُ (نَقِيصَةٌ يَقْتَضِي الْعُرْفُ سَلَامَةَ الْمَبِيعِ عَنْهَا) غَالِبًا ثُمَّ شُرِعَ فِي تَعْدَادِ مَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ فَقَالَ (كَمَرَضٍ) عَلَى جَمِيعِ حَالَاتِهِ (وَذَهَابِ جَارِحَةٍ) مِنْ نَحْوِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (أَوْ) ذَهَابِ (سِنٍّ مِنْ كَبِيرٍ) أَيْ مِنْ ثَغْرٍ وَلَوْ آخِرِ الْأَضْرَاسِ (أَوْ زِيَادَتِهَا كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ أَوْ النَّاقِصَةِ كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ وَالْحَوَلِ وَالْخَوَصِ) يُقَالُ رَجُلٌ أَخَوْصُ أَيْ غَائِرُ الْعَيْنِ.
(وَالسَّبَلِ وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الْأَجْفَانِ وَالطَّرَشِ وَالْخَرَسِ وَالصَّمَمِ وَالْقَرَعِ وَالصُّنَانِ وَالْبَخَرِ فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ وَالْبَهَقِ وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَالْفَالِجِ وَالْكَلَفِ وَالنَّفَلِ وَالْقَرَنِ وَالْفَتْقِ وَالرَّتْقِ) وَسَيَأْتِي مَعْنَاهَا فِي النِّكَاحِ.
(وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالْجُنُونِ وَالسُّعَالِ وَالْبَحَّةِ وَكَثْرَةِ الْكَذِبِ وَالتَّخْنِيثِ وَالتَّزَوُّجِ فِي الْأَمَةِ وَالدَّيْنِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَالسَّيِّدُ مُعْسِرٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَلَا فَسْخَ لِلْمُشْتَرِي وَيَتْبَعُ رَبُّ الدَّيْنِ الْبَائِعَ.
(وَالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَوَدِ) فِي النَّفْسِ أَوْ مَا فِي دُونِهَا (وَكَوْنِهِ خُنْثَى) وَلَوْ مُتَّضِحًا (وَالثَّآلِيلِ وَالْبُثُورِ وَآثَارِ الْقُرُوحِ وَالْجُرُوحِ وَالشِّجَاجِ وَالْجُدَدِ) أَيْ جَفَافِ اللَّبَنِ وَمِنْهُ الْجِدَاءُ، وَهِيَ الْجَدْبَاءُ مَا شَابَ وَنَشَفَ ضَرْعُهَا (وَالْحَفْرِ هُوَ وَسَخٌ يَرْكَبُ أُصُولَ الْأَسْنَانِ وَالثُّلُومَ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَسْنَانِ (وَالْوَسْمِ وَشَامَاتٍ) فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا.
(وَمَحَاجِمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، وَبِشَرْطٍ يَشِينُ) أَيْ يَعِيبُ (وَإِهْمَالِ الْأَدَبِ وَالْوَقَارِ فِي أَمَاكِنِهِمَا) نَصًّا (وَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ الْجَلَبِ وَالصَّغِيرِ) قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ (وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَى النَّاسِ وَالْحُمْقِ مِنْ كَبِيرٍ فِيهِمَا) أَيْ فِي الِاسْتِطَالَةِ وَالْحُمْقِ.
(وَهُوَ) أَيْ الْحُمْق (ارْتِكَابُ الْخَطَأِ عَلَى بَصِيرَةٍ) اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْإِنْصَافِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ (يَظُنُّهُ صَوَابًا) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ظَنَّهُ صَوَابًا يُنَافِي ارْتِكَابَهُ عَلَى بَصِيرَةٍ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا تَلَبَّسَ بِهِ ابْتِدَاءً يَظُنُّهُ صَوَابًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ فَأَتَمَّهُ عَلَى بَصِيرَةٍ (وَزَنَا مَنْ بَلَغَ عَشْرًا فَصَاعِدًا، عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً) لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ وَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَقَوْلُهُمْ: وَيُعَرِّضُهُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ: لَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ لَا وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ لَا يَكُونُ عَيْبًا إلَّا إذَا تَكَرَّرَ (وَلِوَاطَةٍ) أَيْ مَنْ بَلَغَ عَشْرًا (فَاعِلًا وَمَفْعُولًا) بِهِ (وَسَرِقَتِهِ وَشُرْبِهِ مُسْكِرًا وَإِبَاقِهِ وَبَوْلِهِ فِي فِرَاشٍ) وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الصَّغِيرِ لِأَنَّ وُجُودَهُ يَدُلُّ عَلَى نُقْصَانِ عَقْلِهِ وَضَعْفِ بِنْيَتِهِ، بِخِلَافِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى خُبْثٍ طَوِيَّتِهِ وَالْبَوْلُ يَدُلُّ عَلَى دَاءٍ فِي بَطْنِهِ.
(وَ) كَ (حَمْلِ الْأَمَةِ دُونَ الْبَهِيمَةِ، زَادَ فِي الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي إنْ لَمْ يَضُرَّ بِاللَّحْمِ) وَتَقَدَّمَ (وَ) كَ (عَدَمِ خِتَانِ) ذَكَرٍ (كَبِيرٍ) وَ(لَا) يَكُونُ عَدَمُ الْخِتَانِ عَيْبًا (فِي أُنْثَى) وَلَا فِي (صَغِيرٍ) لِأَنَّهُ الْغَالِبُ (وَكَوْنِهِ أَعْسَرَ لَا يَعْمَلُ بِالْيَمِينِ عَمَلَهَا الْمُعْتَادَ) فَإِنْ عَمِلَ بِهَا أَيْضًا فَلَيْسَ بِعَيْبٍ.
(وَ) كَ (تَحْرِيمِ عَامٍّ) غَيْرِ خَاصٍّ بِالْمُشْتَرِي (كَأَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ، بِخِلَافِ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَحَمَاتِهِ وَنَحْوهِمَا) كَمَوْطُوءَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ (وَكَوْنِ الثَّوْبِ غَيْرَ جَدِيدٍ، مَا لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَثَرُ الِاسْتِعْمَالِ) فَإِنْ ظَهَرَ فَالتَّقْصِيرُ مِنْ الْمُشْتَرِي.
(وَ) كَ (الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ) فِي الْأَرْضِ لَا الْحَرْثِ (وَ) كَ (الْإِجَارَةِ، أَوْ فِي الْمَبِيعِ مَا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِهِ غَالِبًا كَسَبُعٍ، أَوْ نَحْوِهِ فِي ضَيْعَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا فِي دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ، وَالْجَارِ السَّوْءِ قَالَهُ الشَّيْخُ وَبَقٍّ وَنَحْوِهِ غَيْرِ مُعْتَادٍ بِالدَّارِ، وَاخْتِلَافِ الْأَضْلَاعِ وَالْأَسْنَانِ، وَطُولِ أَحَدِ ثَدْيَيْ الْأُنْثَى، وَخُرْمِ شُنُوفِهَا) جَمْعُ شَنْفٍ كَفُلُوسٍ وَفَلْسٍ وَهُوَ الْقُرْطُ الْأَعْلَى ذَكَرَهُ فِي الصَّحَّاحِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَفِي نُسْخَةٍ شُفُوفُهَا وَلَيْسَ بِمُنَاسِبٍ هُنَا لِأَنَّ الشِّفَّ سِتْرٌ رَقِيقٌ.
(وَ) كَ (أَكْلِ الطِّينِ) لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ إلَّا مَنْ بِهِ مَرَضٌ (وَالْوَكَعِ، وَهُوَ إقْبَالُ الْإِبْهَامِ عَلَى السَّبَّابَةِ مِنْ الرَّجُلِ حَتَّى يُرَى أَصْلُهَا خَارِجًا كَالْعُقْدَةِ، وَكَوْنِ الدَّارِ يَنْزِلُهَا الْجُنْدُ) أَيْ صَارَتْ مَنْزِلًا لَهُمْ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَفْوِيتِ مَنْفَعَتِهَا زَمَنَ نُزُولِهِمْ فِيهَا (وَلَيْسَ الْفِسْقُ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ) عَيْبًا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ الْفَسْخَ بِالْكُفْرِ فَبِهَذَا أَوْلَى وَكَذَا الْفِسْقُ بِالْأَفْعَالِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ.
(وَ) لَيْسَ (التَّغْفِيلُ عَيْبًا) لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الرَّقِيقِ عَدَمُ الْحِذْقِ (وَكَذَا الثُّيُوبَةُ وَمَعْرِفَةُ الْغِنَاءِ وَالْحِجَامَةِ، وَكَوْنُهُ وَلَدَ زِنًا وَكَوْنُ الْجَارِيَةِ لَا تُحْسِنُ الطَّبْخَ وَنَحْوُهُ، أَوْ لَا تَحِيضُ، وَالْكُفْرُ وَعُجْمَةُ اللِّسَانِ) لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِي الرَّقِيقِ (وَالْفَأْفَاءُ) الَّذِي يُكَرِّرُ الْفَاءَ (وَالتَّمْتَامُ) الَّذِي يُكَرِّرُ التَّاءَ وَكَذَا بَاقِي الْحُرُوفِ (وَالْأَرَتُّ) تَقَدَّمَ فِي الْإِمَامَةِ وَالْقَرَابَةِ (وَالْأَلْثَغُ) وَتَقَدَّمَ فِي الْإِمَامَةِ (وَالْإِحْرَامُ) إنْ مَلَكَ تَحْلِيلَهُ (وَالصِّيَامُ وَعِدَّةُ الْبَائِنِ) لَيْسَتْ عَيْبًا (لَا) عِدَّةَ (الرَّجْعِيَّةِ) فَهِيَ عَيْبٌ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ.
(وَمِنْ الْعُيُوبِ: عَثْرَةُ الْمَرْكُوبِ وَكَدْمُهُ) أَيْ عَضُّهُ بِأَدْنَى فَمِهِ، يُقَالُ: كَدَمَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَتَلَ (وَرَفْسُهُ وَقُوَّةُ رَأْسَهُ، وَحَزْنُهُ، وَشَمُوسُهُ) أَيْ اسْتِعْصَاؤُهُ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: وَلَا يُقَالُ بِالصَّادِ.
(وَ) مِنْ الْعُيُوبِ (كَيُّهُ، أَوْ) كَوْنُ (بِعَيْنِهِ ظَفَرَةً، أَوْ بِإِذْنِهِ شَقَّ خَيْطٍ، أَوْ بِحَلْقِهِ نَغَانِغَ) وَهِيَ لَحْمَاتٌ تَكُونُ فِي الْحَلْقِ عِنْدَ اللَّهَاتِ وَاحِدُهَا: نُغْنُغُ بِالضَّمِّ قَالَهُ فِي الصَّحَّاحِ (أَوْ غُدَّةٌ أَوْ عُقْدَةٌ أَوْ بِهِ زَوْرٌ وَهُوَ) أَيْ الزَّوْرُ (نُتُوءٌ) أَيْ ارْتِفَاعُ (الصَّدْرِ عَنْ الْبَطْنِ، أَوْ بِيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ شُقَاقٌ أَوْ بِقَدَمِهِ فَدَعٌ، وَهُوَ نُتُوءٌ وَسَطَ الْقَدَمِ) وَقَالَ فِي الصَّحَّاحِ: رَجُلٌ أَفَدَعُ بَيْنَ الْفَدَعِ وَهُوَ مُعْوَجُّ الرُّسْغِ مِنْ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ (أَوْ بِهِ دَحْسٌ، وَهُوَ وَرَمٌ حَوْلَ الْحَافِرِ، أَوْ خُرُوجُ الْعُرْقُوبِ فِي الرِّجْلَيْنِ عَنْ قَدِمَ فِي) الرِّجْلِ (الْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ، وَهُوَ الْكَوَعُ).
وَفِي الْإِنْصَافِ: الْكَوَعُ انْقِلَابُ أَصَابِعِ الْقَدَمَيْنِ عَلَيْهِمَا (أَوْ بِعَقِبَيْهِمَا) أَيْ بِالرِّجْلَيْنِ (صَكَكٌ، وَهُوَ تَقَارُبُهُمَا، أَوْ بِالْفَرَسِ خَيَفٌ وَهُوَ كَوْنُ إحْدَى عَيْنَيْهِ زَرْقَاءَ وَالْأُخْرَى كَحْلَاءَ أَيْ سَوْدَاءَ).

.فَصْلٌ: حُكْمُ مَن اشْتَرَى مَعِيبًا:

(فِيمَنْ اشْتَرَى مَعِيبًا لَمْ يَعْلَمْ) حَالَ الْعَقْدِ (عَيْبَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبِهِ) فَلَهُ الْخِيَارُ، سَوَاءٌ عَلِمَ (الْبَائِعُ) بِعَيْبِهِ (فَكَتَمَهُ) عَنْ الْمُشْتَرِي، (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) الْبَائِعُ بِعَيْنِهِ (أَوْ حَدَثَ بِهِ) أَيْ بِالْمَبِيعِ (عَيْبٌ بَعْدَ عَقْدٍ وَقَبْلَ قَبْضٍ فِيمَا ضَمَانُهُ عَلَى بَائِعٍ، كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ) بِيعَ بِذَلِكَ.
(وَ) كَ (ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ وَنَحْوِهِ) كَمَبِيعٍ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ (خُيِّرَ) الْمُشْتَرِي (بَيْنَ رَدِّهِ) اسْتِدْرَاكًا لِمَا فَاتَهُ، وَإِزَالَةً لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ فِي بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ نَاقِصًا عَنْ حَقِّهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي إذَا اخْتَارَ الرَّدَّ (مُؤْنَةُ رَدِّهِ) إلَى الْبَائِعِ لِحَدِيثِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ».
(وَ) إذَا رَدَّهُ (أَخَذَ الثَّمَنَ كَامِلًا) لِأَنَّ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ اسْتَحَقَّ اسْتِرْجَاعَ جَمِيعِ الثَّمَنِ (حَتَّى وَلَوْ وَهَبَهُ) الْبَائِعُ (ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنَ الْبَيْعِ (أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ ثُمَّ فَسَخَ رَجَعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ كَزَوْجٍ طَلَّقَ قَبْلَ دُخُولٍ بَعْدَ أَنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِهِ (وَبَيْنَ إمْسَاكِ) الْمَبِيعِ (مَعَ أَرْشِ) الْعَيْبِ (وَلَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ الرَّدُّ، رَضِيَ الْبَائِعُ) بِدَفْعِ الْأَرْشِ (أَوْ سَخِطَ) بِهِ لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُعَوَّضِ فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْعِوَضِ يُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الْمُعَوَّضِ وَمَعَ الْعَيْبِ فَاتَ جُزْءٌ مِنْهُ فَيَرْجِعُ بِبَدَلِهِ وَهُوَ الْأَرْشُ.
وَهَلْ يَأْخُذُ الْأَرْشَ مِنْ عَيْبِ الثَّمَنِ، أَوْ حَيْثُ شَاءَ الْبَائِعُ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ وَصَحَّحَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ الثَّانِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّدِّ، أَوْ أَخْذِ الْأَرْشِ،
لِتَضَرُّرِ الْبَائِعِ بِالتَّأْخِيرِ (مَا لَمْ يُفِضْ إلَى رِبًا، كَشِرَاءِ حُلِيٍّ فِضَّةٍ بِزِنَتِهِ دَرَاهِمَ، أَوْ قَفِيزٍ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا) اشْتَرَاهُ (بِمِثْلِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ مَعِيبًا فَلَهُ الرَّدُّ أَوْ الْإِمْسَاكُ مَجَّانًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ لِأَنَّ أَخْذَ الْأَرْشِ يُؤَدِّي إلَى رِبَا الْفَضْلِ أَوْ إلَى مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ.
(وَإِنْ تَعَيَّبَ) أَيْ الْحُلِيُّ أَوْ الْقَفِيزُ الْمَعِيبُ (أَيْضًا عِنْدَ مُشْتَرٍ فَسَخَ حَاكِمٌ الْبَيْعِ) إنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِإِمْسَاكِهِ مَعِيبًا، لِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ أَحَدِهِمَا إنَّمَا هُوَ لِاسْتِدْرَاكِ ظُلَامَتِهِ، لِكَوْنِ الْحَقِّ لَهُ وَكُلُّ مِنْهُمَا هُنَا الْحَقُّ لَهُ وَعَلَيْهِ فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إلَى التَّوَصُّلِ لِلْحَقِّ إلَّا بِفَسْخِ الْحَاكِمِ هَذَا مَعْنَى تَعْلِيلِ الْمُنَقِّحِ فِي حَاشِيَتِهِ.
(وَ) إذَا فَسَخَ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ (رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، وَيُطَالِبُ) الْمُشْتَرِي (بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ) الْمَعِيبِ بِعَيْبِهِ الْأَوَّلِ (لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إهْمَالُ الْعَيْبِ) مِنْ حَيْثُ هُوَ (بِلَا رِضًا وَلَا أَخْذِ أَرْشٍ) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَرْضَ بِإِمْسَاكِهِ مَعِيبًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ، وَلَا رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ لِإِفْضَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الرِّبَا.
(وَإِنْ اشْتَرَى حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ فَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ مُشْتَرٍ) وَلَوْ (قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ حَدَثَ فِي الرَّقِيقِ بَرَصٌ أَوْ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ) وَلَوْ (قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ فَ) الْعَيْبُ (مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ نَصًّا) وَلَا أَرْشَ كَمَا لَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ.
(وَإِنْ ظَهَرَ) الْمُشْتَرِي (عَلَى عَيْبٍ فِي الْحُلِيِّ) الْمَبِيعِ بِزِنَتِهِ دَرَاهِمَ (أَوْ) فِي (الْقَفِيزِ) الْمَبِيعِ بِمِثْلِهِ (بَعْدَ تَلَفِهِ عِنْدَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (فَسَخَ) الْمُشْتَرِي (الْعَقْدَ) لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِدْرَاكِ ظُلَامَتِهِ (وَرَدَّ) الْبَائِعُ (الْمَوْجُودَ وَهُوَ الثَّمَنُ، وَتَبْقَى قِيمَةُ الْمَبِيعِ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، أَوْ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي، لِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى الرِّبَا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا فَسْخَ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ كَصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَةٍ وَ) سَقْطِ (آيَاتٍ يَسِيرَةٍ فِي مُصْحَفٍ لِلْعَادَةِ كَغَبْنٍ يَسِيرٍ وَكَيَسِيرِ التُّرَابِ وَالْعَقْدِ فِي الْبُرِّ قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ لَا يَنْقُصُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَةِ النَّاسِخِ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ) لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ غَالِبًا.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ يَسِيرًا، بَلْ كَانَ كَثِيرًا (فَلَا أُجْرَةَ لِمَا وَضَعَهُ) النَّاسِخُ (فِي غَيْرِ مَكَانِهِ) بِأَنْ قَدَّمَهُ عَلَى مَوْضِعِهِ، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ وَالْعَقْدُ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهِ نَسْخُهُ فِي مَكَانِهِ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ النَّاسِخَ (قِيمَةُ مَا أَتْلَفَهُ بِذَلِكَ) التَّقْدِيمِ أَوْ التَّأْخِيرِ (مِنْ الْكَاغَدِ) لِتَعَدِّيهِ.
(وَإِنْ ظَهَرَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ) تَنْقُصُ بِهِ أُجْرَتُهُ عَادَةً (فَلَا أَرْشَ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ إنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً (وَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ) مُفَصَّلًا (وَالْأَرْشُ: قِسْطُ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الصَّحِيحِ وَالْمَعِيبِ، فَيَرْجِعُ) الْمُشْتَرِي إذَا اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ (بِ) مِثْلِ (نِسْبَتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ) الْمَعْقُودِ بِهِ نَصَّ عَلَيْهِ (فَيُقَوَّمُ الْمَبِيعُ صَحِيحًا، ثُمَّ يُقَوَّمُ مَعِيبًا) فَيُؤْخَذُ قِسْطُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الثَّمَنِ (فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ- مَثَلًا- مِائَةً وَخَمْسِينَ، فَيُقَوَّمُ الْمَبِيعُ صَحِيحًا بِمِائَةِ) دِرْهَمٍ.
(وَمَعِيبًا بِتِسْعِينَ، فَالْعَيْبُ نَقَصَ عَشْرَةَ) دَرَاهِمَ (نِسْبَتُهُ إلَى قِيمَتِهِ صَحِيحًا) وَهِيَ مِائَةٌ (عَشْرٌ فَتَنْسُبُ ذَلِكَ إلَى الْمِائَةِ وَخَمْسِينَ تَجِدُهُ خَمْسَةَ عَشْرَ وَهُوَ الْوَاجِبُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ) فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (خَمْسِينَ وَجَبَ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (خَمْسَةٌ) لِأَنَّهَا عُشْرُ الْخَمْسِينَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ فَفَوَاتُ جُزْءٍ مِنْهُ يُسْقِطُ مِنْهُ ضَمَانَ مَا قَبْلَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَّاهُ نَقْصَ الْقِيمَةِ لَأَفْضَى إلَى اجْتِمَاعِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِلْمُشْتَرِي فِي صُورَةِ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِعَشْرَةٍ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ، فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا يُنْقِصُهُ النِّصْفَ، فَأَخَذَهَا وَهَذَا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ.
(وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي خِيَارَ الرَّدِّ بِعِوَضٍ بَذَلَهُ لَهُ الْبَائِعُ) أَوْ غَيْرُهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا (وَقَبِلَهُ) الْمُشْتَرِي (جَازَ) ذَلِكَ (وَلَيْسَ) مَا يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي (مِنْ الْأَرْشِ فِي شَيْءٍ وَنَصَّ عَلَى مِثْلِهِ فِي خِيَارِ مُعْتَقَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ) إذَا أَسْقَطَتْ خِيَارَهَا بِعِوَضٍ بَذَلَهُ زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا أَوْ غَيْرُهُمَا وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ: النُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ وَنَحْوِهَا بِعِوَضٍ وَيَأْتِي.
(وَمَا كَسَبَ) الْمَبِيع (قَبْلَ الرَّدِّ فَ) هُوَ (لِلْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ نَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ فَقَطْ كَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَالْمَبِيعُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَنَمَاؤُهُ لَهُ (وَإِنْ حَمَلَتْ) أَمَةٌ أَوْ بَهِيمَةٌ (بَعْدَ الشِّرَاءِ فَ) الْحَمْلُ (نَمَاءٌ مُتَّصِلٌ) يَتْبَعُهَا فِي الْفَسْخِ.
(وَإِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَوَلَدَتْهُ) أَيْضًا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الشِّرَاءِ (فَنَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ) فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي (وَلَا يَرُدُّهُ) الْمُشْتَرِي إذَا فَسَخَ لِمَا تَقَدَّمَ (إلَّا لِعُذْرٍ، كَوَلَدِ أَمَةٍ) فَيُرَدُّ مَعَهَا لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ.
(وَيَأْخُذُ) الْمُشْتَرِي (قِيمَتَهُ) أَيْ الْوَلَدِ مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (وَالنَّمَاءُ الْمُتَّصِلُ) إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ (لِلْبَائِعِ، كَالسِّمَنِ، وَالْكِبَرِ، وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ) فَتَتْبَعُ الْمَبِيعَ إذَا رُدَّ لِتَعَذُّرِ رَدٍّ بِدُونِهَا.
(وَ) مِنْ النَّمَاءِ الْمُتَّصِلِ (الثَّمَرَةُ قَبْلَ ظُهُورِهَا) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ بَعْدَ ظُهُورِهَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ وَلَوْ لَمْ تَجِفَّ وَصَرَّحَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّفْلِيسِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَذَكَرَهُ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَجَعَلَ فِي الْكَافِي كُلَّ ثَمَرَةٍ عَلَى شَجَرَةٍ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً.
(وَمِنْهُ) أَيْ النَّمَاءِ الْمُتَّصِلِ (إذَا صَارَ الْحَبُّ زَرْعًا وَ) صَارَتْ (الْبَيْضَةُ فَرْخًا) قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَذَكَرَ الْمُوَفَّقُ وَجْهًا وَصَحَّحَهُ: أَنَّهُ مِمَّا تَغَيَّرَ بِمَا يُزِيلُ الِاسْمَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَالَ وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
(وَوَطْءُ الْمُشْتَرِي) الْأَمَةَ (الثَّيِّبَ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ) بِعَيْبٍ عَلِمَهُ بَعْدُ (فَلَهُ رَدُّهَا مَجَّانًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ مَعَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِوَطْئِهِ نَقْصُ جُزْءٍ وَلَا صِفَةٍ (وَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بَيْعُهَا) أَيْ بَيْعُ الْأَمَةِ الثَّيِّبِ بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا وَاسْتَبْرَأَهَا (مُرَابَحَةً) بِأَنْ يَبِيعَهَا بِثَمَنِهَا وَرِبْحٍ مَعْلُومٍ (بِلَا إخْبَارٍ) بِأَنَّهُ وَطِئَهَا لِمَا تَقَدَّمَ (كَمَا لَوْ كَانَتْ) الثَّيِّبُ (مُزَوَّجَةً فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ) ثُمَّ أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّهَا لِلْعَيْبِ أَوْ بَيْعَهَا مُرَابَحَةً فَإِنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ.
(فَإِنْ زَوَّجَهَا) أَيْ الثَّيِّبَ (الْمُشْتَرِي) لَهَا (فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ، ثُمَّ أَرَادَ) الْمُشْتَرِي (رَدَّهَا بِالْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ بَاقِيًا فَهُوَ عَيْبٌ) فَيَرُدُّ مَعَهَا أَرْشَهُ (وَإِنْ كَانَ قَدْ زَالَ) بِأَنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ بَائِنًا (فَ) وَطْءُ الزَّوْجِ (كَوَطْءِ السَّيِّدِ) لَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا، لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ زَنَتْ) الْمَبِيعَةُ (فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَكُنْ عُرِفَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (ذَلِكَ) أَيْ الزِّنَا (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَمَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ (فَهُوَ عَيْبٌ حَادِثٌ حُكْمُهُ كَ) سَائِرِ (الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ) فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهُ أَرْشَهُ.
(وَلَوْ اشْتَرَى مَتَاعًا فَوَجَدَهُ خَيْرًا مِمَّا اشْتَرَى فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (رَدُّهُ إلَى بَائِعِهِ، كَمَا لَوْ وَجَدَهُ أَرْدَأَ) مِمَّا اشْتَرَى (كَانَ لَهُ رَدُّهُ) عَلَى بَائِعِهِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ (وَلَعَلَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ جَاهِلًا بِهِ) أَيْ بِالْمَبِيعِ أَمَّا إنْ كَانَ الْبَائِعُ عَالَمًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي الرَّدُّ لِدُخُولِ الْبَائِعِ عَلَى بَصِيرَةٍ.
(وَإِنْ وَطِئَ) الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ (الْبِكْرَ أَوْ تَعَيَّبَتْ) الْبِكْرُ (أَوْ) تَعَيَّبَ (غَيْرُهَا) مِنْ الْمَبِيعِ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي.
(وَلَوْ) كَانَ التَّعَيُّبُ (بِنِسْيَانِ صَنْعَةٍ أَوْ) نِسْيَانِ (كِتَابَةٍ أَوْ قَطْعِ ثَوْبٍ خُيِّرَ) الْمُشْتَرِي (بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَأَخْذِ الْأَرْشِ) لِلْعَيْبِ الْأَوَّلِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَتَعَيَّبْ عِنْدَهُ (وَبَيْنَ الرَّدِّ مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ) لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ «أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَبِسَهُ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَرَدَّهُ وَمَا نَقَصَ» فَأَجَازَ الرَّدَّ مَعَ النُّقْصَانِ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ أَحْمَدُ.
(وَالْوَاجِبُ رَدُّ مَا نَقَّصَ قِيمَتَهَا الْوَاطِئُ) بِوَطْئِهِ (فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا بِكْرًا مِائَةً، وَثَيِّبًا ثَمَانِينَ رَدَّ مَعَهَا عِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ بِفَسْخِ الْعَقْدِ يَصِيرُ) الْمَبِيعُ (مَضْمُونًا عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بِقِيمَتِهِ) فَيَلْزَمُهُ مَا نَقَصَ مِنْهَا (بِخِلَافِ أَرْشِ الْعَيْبِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي) مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا فَاتَ مِنْ الْبَيْعِ، وَالْمَبِيعُ مَضْمُونٌ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ لَا بِقِيمَتِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ دَلَّسَ الْعَيْبَ أَيْ كَتَمَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي فَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الْمَبِيعِ إذَنْ وَلَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ (بِلَا أَرْشِ) الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ (وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ كَامِلًا) مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَّطَ الْمُشْتَرِيَ وَغَيْرَهُ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبِقَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ إبَاقَهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْبَائِعِ: يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ غَرَّ الْمُشْتَرِيَ وَيَتْبَعُ الْبَائِعُ عَبْدَهُ) فَإِنْ وَجَدَهُ كَانَ لَهُ وَإِنْ فَاتَ ضَاعَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ.
(وَكَذَا لَوْ دَلَّسَ الْبَائِعُ) بِأَنْ أَخْفَى الْعَيْبَ عَلَى الْمُشْتَرِي (ثُمَّ تَلِفَ) الْمَبِيعُ (عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ) الْمُشْتَرِي (بِالثَّمَنِ كُلِّهِ عَلَى الْبَائِعِ نَصًّا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْآبِقِ (وَسَوَاءٌ تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (أَوْ تَلِفَ بِفِعْلِ اللَّهِ) تَعَالَى (كَالْمَرَضِ، أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي كَوَطْءِ الْبِكْرِ) وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا، بِخِلَافِ قَطْعِ عُضْوٍ وَقَلْعِ سِنٍّ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَذْهَبُ هَدَرًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (أَوْ) بِفِعْلِ (أَجْنَبِيٍّ مِثْلُ أَنْ يَجْنِيَ عَلَيْهِ أَوْ بِفِعْلِ الْعَبْدِ كَالسَّرِقَةِ) إذَا قُطِعَ فِيهَا (وَسَوَاءٌ كَانَ) التَّلَفُ (مُذْهِبًا لِلْجُمْلَةِ أَوْ بَعْضِهَا) فَيَفُوتُ التَّلَفُ عَلَى الْبَائِعِ حَيْثُ دَلَّسَ الْعَيْبَ، وَيُرَدُّ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ زَالَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ رَدِّهِ (رَدَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (وَلَا شَيْءَ مَعَهُ) لِعَدَمِ نَقْصِهِ حَالَ الرَّدِّ.
(وَإِنْ) رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُتَعَيَّبِ عِنْدَهُ وَرَدَّ مَعَهُ أَرْشَ عَيْبِهِ، ثُمَّ (زَالَ) الْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَهُ (بَعْدَ رَدِّهِ لَمْ يَرْجِعْ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بِالْفَسْخِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ مِنْ الْبَائِعِ، ثُمَّ زَالَ سَرِيعًا فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْأَرْشَ لِزَوَالِ نَقْصِ الْمَبِيعِ الَّذِي وَجَبَ لِأَجْلِهِ الْأَرْشُ وَفِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ زَادَ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ.